د.فندي الدعبل
سمات الومض الشعري
1-التكثيف
تعتبر هذه الميزة من أهم ميزات الومض سواء أكان ذلك شعرا أم نثرا.
والتكثيف هو خلوّ النص من المفردات الزائدة التي يمكن الاستغناء عنها دون الخلل في المعنى.
لذا كلما كانت الومضة الشعرية مكثفة وقصيرة كلما كان أبلغ، فصياغة الومضة وتكوينها البنائي يجب أن يكون مضغوطا حد الانفجار.
كما في قول الشاعرة ريما خضر:
تعال نتقاسم هذا الليل
حلم بك
وحلم لك...
وكذلك تقول:
على مرمى قصيدة
أصبت الله....
وكذلك تقول الشاعرة ردينة نصر:
أموّه جرحي بسجادة صلاتي
كدقيق الجائعين
في مهبّ الغياب
أُصلّي.....
و كذلك يقول الشاعر نزار الشوفي:
نحيا بمعجزة من قوت أحرفنا
لا شئ ينقذننا إن خاننا القلم...
و يقول محمد عمران:
أيها القرص المنحدر عن
قوس السماء الأزرق
ماذا يغريك في أفق الغروب..... ؟!
في هذه الومضة نلاحظ إمكانية استغناء الومضة عن مفردة الأزرق دون أن يصيبها الخلل في المعنى.
وكذلك تقول سوزان ابراهيم:
كأنك بؤبؤ عيني
ترى كلّي
ولا يراكَ......
2- الابتكار و التجديد.
لابد أن تشكل الومضة فتحا غير مسبوق في الحقول الشعرية المختلفة، سواء أكان ذلك على مستوى اللغة أو المعنى أو الصورة أو التناص مع النصوص الأخرى والانفراد عنها بما يوسم الومضة الجديدة، وبذلك نجد الشاعر قناصا ماهرا ومجددًا أريبَ ينشد التجديد
والتحديث.
كما في قول الشاعر محمد حديفي متناصًا مع الجواهري الذي يقول :
سلامًا أيها الأحباب
إن محبة أمل
سلامًا كله قُبَل
كأن صميمها شُعَل.
فيقول محمد حديفي:
سلام إلى قمر في السفوح
سلام إلى دمعك المشتعل
سلام إلى نسغك العربي
سلام وبعض السلام قُبَل.
(ابتكار في التناص )
كما في قول الشاعر فرحان الخطيب:
كحورة والربيع الطلق ورّقها
ما كدت ألمسها فاساقط الورق.
(ابتكار في الصورة)
و كذلك يقول الشاعر سعيد عقيل:
احمل لحمك المقدد
على قدميك المُطحلَبتين
وساقيك الرمليتين
فكلما عبرت جرحا
استفاقت فيك العصافير.
(تجديد في اللغة)
ويقول الشاعر الدكتور إحسان قنديل:
للطين طعم حامض
في العتمة
للطين طعم أخضر
في قالب التكوين.....
(ابتكار في الصورة)
وتقول ريما خضر:
كونوا عشاقا
وطوفوا حول
قلوبكم
لتروا الله......!
( تجديد في الفكرة).
3- وحدة الموضوع
قصيدة الومضة لا تحتمل سوى موقفا واحدا فقط، هذا الموقف أو الموضوع يمثل شحنة عاطفية باتجاه واحد، و لعل هذا ما يميز بين قصيدة الومضة و بين المقطعات الشعرية كالثنائيات و الرباعيات و غيرها و التي تكون قادرة على احتواء و معالجة أكثر من موضوع.
هنا لابد من الإشارة إلى أن قصيدة الومضة هي قصيدة متكاملة تحمل مقومات النص الشعري كاملا، و هي ليست اختصارا أو تلخيصا لقصيدة طويلة، و هي لا تمثل استراحة الشاعر و ميله نحو التقاعس و الإفلاس، ذلك لأن بناءها يتطلب الكثير من المعرفة و الجهد و الاهتمام و الرعاية، لذلك نجد الومضة الشعرية وحدة متكاملة و متداخلة في الفعل الشعري.
كما في قول الشاعر فرحان الخطيب:
وتسألني ما الحب؟قلت: فراشة
تحط على ثغر الحبيب و تهرب
فيصحو على طعم الزهور بِريقِها
فيعدو وراها لو تعود فيشرب......
وتقول سوزان ابراهيم:
في هذا التيه
إذا كان قلبك مضيئا
فاطْلِ جدرانَه بلون معتّم
كل لا يراه قناص الشريعة.....
وكما أشرنا في المقالات السابقة التي تخص الومض الشعري، فإننا نجد الومض في القصائد الطويلة كمحطات زائدة الشحنة و الحرارة، كما في قول أبي فراس الحمداني:
إذا نلتُ منك الود فالكل هيّنُ
وكل الذي فوق التراب تراب
فيا ليت شربي من ودادك صافيا
وشربي من ماء الفرات سراب.
مجلة الملتقى
الإصدار الثامن عشر
الإعجابات: 0
التعليقات: 0
المشاهدات: 389