logo

شعر

رغدا مريم

كُنّا ذاتَ يَومٍ

قمحَ هذهِ البِلاد..

حَصَدتنا أَيادِي الغَيب

ذَرَتْنا فوقَ جُرودٍ لَم تَعرِف الزّهرَ يَومًا..

سُلِقْنا حتّى كادَ لَحمُنا يَنسَلِخُ عنّا

ثُمّ تُرِكْنا عَلَى أَسطُح الطّينْ

نُشْوى إِلى حِينْ..

 

 أَوّلَ ما هَمَّت إِلَينا الأَكُفُّ

رَمَتْنا فِي طَاحُونَة الزّمَن

وَ لِشدَّةِ سُرعَتِه في أَوقاتِ الفَرَح

قَلَّبَ ضَحِكاتِنا بينَ عَقارِبِه

حَتّى غَدَتْ كُلّها مَطحُونةً على الزّيرو

 

نحنُ طَحينُ هَذِهِ البِلاد

جُبِلْنا بالحَليبِ و السُّكّر

لِنَصيرَ حَلْوى

نُقطَّعُ بالسّكِّينِ و الشَّوكَة

فوقَ موائِدِ الضِّباع

وَ تُرمَى بَقَايَانا لِكِلابِهِم

التي تَخالُ نَفسها سَلِيلَةَ السِّبَاع

 

نَحنُ طَحينُ هَذِهِ البِلاد

جُبِلْنا بِالماءِ وَ الملحِ

لِنَصيرَ رَغِيفًا

يَفتَرِشُ الرَّصِيفَ عِندَ البُزُوغِ

 فَاتحًا يَدَيهِ لأَيِّ زَائِرٍ مُعانِقًا..

لَكِنْ، قَدْ يَنْتَهي بِهِ المَطافُ

خَالٍ مِنْ أَيِّ نَكْهَةٍ

وَحِيدًا مَع كَأسِ ماءٍ

عَلَى بِسَاطِ الجِيَاع

 

نَحنُ نَخَالةُ هذِهِ البِلاد

جُبِلْنَا كَيْ نَصِيرَ رَغِيفًا أَسمَرْ

يَأْكُلُنا أَصحَابُ الدّايت...

 مَرضَى الضّغطِ و السُّكَّرْ

وَ بحُجّةِ أَنَّنا خُبزٌ صِحّيٌّ

يَبِيعُونَنا بالضّعْفِ وَ أَكثَرْ

 

نَحنُ فِي هَذِهِ البِلاد

كُلُّ شَيءٍ يُؤْكَلْ

لَكِن لَمْ يَعُدْ لَنَا فَمٌ يَأْكُلْ

لَنَا فَمٌ يَلهَثُ وَراءَ حُقُوقٍ مَسْلُوبَة

وَ لِكَثرَةِ مَا صَرَخْنا

قَالوا عَنّا

دَعُوهُم فَالكِلابُ تَنْبَحُ وَ القَافِلةُ تَسِيرْ

رَمُوا لَنَا مِنْ فَضَلاتِ مَوَائِدِهِم

كَسراتَ خُبزٍ

وَ كَانَ عَلَينَا كَي نبتَلِعهَا

أَنٰ نَسكُبَ مِن دِمَائِنا بَعضَ العَصِيرْ...

مجلة الملتقى

الإصدار الواحد والعشرون

الإعجابات: 1

التعليقات: 1

المشاهدات: 272

ردينة نصر

هذه الحروف رساله واقعنا المرير .. قرأت فأثملني حرفك ..لك دوام الإبداع